التصوير: مارك دوفوس
المصمِّم المعماري: غراي بوكساند
الموقع: ملبورن، أستراليا
المشروع: البريد الأسترالي
يجمع المقر الرئيسي الجديد للبريد الأسترالي بمدينة ملبورن بين العاملين الدائمين والمؤقتين من أربعة أماكن باستخدام بيئة مرنة تنظر بجدية لمطالب الموظفين بالاهتمام بالرفاه والمرح.
تتشكل نظرة المجتمع إلى البريد الأسترالي إلى حدٍ كبير من خلال جهود المؤسسة المستمرة لمواءمة خدمة البريد وشبكة البيع بالتجزئة الضخمة لديها مع احتياجات العملاء المتغيرة في عصر الاتصالات الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي واسعة الانتشار والتسوق عبر الإنترنت. ومما يسعد القلب أيضًا أن تكتشف أن تكتشف وجود قوة عاملة متنوعة، في هذا المبنى المملوك للشركة الذي يعود تاريخه لأكثر من 200 سنة ويتألف من ستة طوابق على مساحة 11000 متر مربع من تصميم غراي بوكساند، تُقْبِلُ بحماس على تغيير جوهري في الجوهر والأسلوب والتركيز على صحة الموظفين ورفاههم في مكان العمل.
يجمع المكتب الجديد قُرابة 1000 موظف بالبريد الأسترالي من ثلاثة أماكن مختلفة تمامًا تشمل مركز اتصالات “ماونت ويفرلي”: وهي تمثل بيئات عمل من عصر ما قبل مفهوم العمل القائم على النشاط، حيث كان من السهل على الأشخاص “الثبات في مكاتبهم وأساليبهم”، على حد وصف مديرة مشروع تجديد فرع البريد الأسترالي الكائن في 180 شارع لونسديل، ساندرا مالتمان. حرص البريد الأسترالي، من خلال دمج أقسام متنوعة مثل العقارات والمشتريات والتسويق في بيئة عمل قائمة على النشاط مصممة لتشجيع المرونة والتعاون العفوي والحل المبتكر للمشكلات من خلال المساحات المشتركة التي تتكيف بسهولة مع احتياجات المستخدمين، على وضع المجموعات ذات الصلة في مكانٍ واحد وتعزيز أساليب جديدة للعمل والتكيف مع احتياجات متغيرة (مثل زيادة عدد موظفي مركز الاتصال لمواجهة موسم الذروة خلال شهور أكتوبر-يناير). وبالطبع، كان الهدف في النهاية هو خدمة عملاء أفضل مقدمة من موظفين أكثر سعادة وتمكينًا، مما سيقلل من تغيير الموظفين وتغيبهم عن العمل أثناء العملية. 
كانت مالتمان، المخضرمة في التنقلات، تعلم أن إدارة التغيير الماهرة والتواصل الداخلي سيكونان عنصرين أساسيين في تهدئة المخاوف بشأن الخسائر مثل مواقف السيارات والمكاتب والطاولات المحددة والوصول إلى تقبل حقيقي للتغيير. وقد ابتهجت حينما اكتشفت أنه عندما بدأت مجموعات متنوعة في مناقشة رؤيتهم حول البيئة الجديدة، بدءًا من الفرق التنفيذية وحتى العاملين المؤقتين في مراكز الاتصال من الشباب، تبادلت هذه الفرق أهم الطموحات. وتقول مالتمان: “الإنتاجية والتعاون والتفاعل والقدرة على عقد النقاشات التي تجرى في الحال بدلاً من أسلوب ‘لنتحدث عن هذا بعد ساعة عند خلو غرفة الاجتماعات‘… وجدنا أن هذا أمرٌ هامٌ للغاية. “انبهرنا جدًا بأن الإدارة وما تبحث عنه يتطابق تمامًا مع ما يرغب فيه الموظفون في مكان العمل، وشعرنا بالحماس الشديد بسبب القدرة على (توفير هذا)”.
تقول هيدي سميث، مديرة المشروعات والشريكة في مكتب غراي بوكساند، بأن المشاركة اللافتة للموظفين بوعي وحماس ساهمت في وضع تصميم أصبح الآن مفهومًا على نطاق واسع ومستخدمًا على نحو فعال. يشتمل هذا التصميم في أساسه على مبادرات تتعلق بالرفاه تضم غرفة ألعاب تشمل طاولات كرة القدم والبلاي ستيشن واستراحة إبداع تتوفر فيها دائمًا ألعاب البازل وكتب التلوين ومكتبة إعارة للمجلات والكتب وحديقة شتوية تكتمل بأثاث بالأغصان البيضاء وإطلالات ممتدة وإحساس جميل بالفراغ بفضل وجود حيز خالٍ بارتفاع ثلاثي.
“الكثير من القواعد والأساسيات التي يعلمها الموظفون بالفعل حصلوا عليها من البريد الأسترالي”.
وتقول سميث “بالنسبة لنا كانت السمة الأساسية التي نبعت من هذا كله هو ما نشعر بأنه التطور التالي لمساحة العمل، وهو أن يصبح النقطة الأساسية فيما يتعلق بالرفاه – كيف تدعم قلوب وأرواح الناس في بيئة العمل لتشجيعهم على البقاء والازدهار وللبناء بفعالية على تلك الفكرة حول التعاون والإبداع؟ كل هذا رائع، ولكن إذا لم يكن موظفوك سعداء وفي سلام حقيقي فقد تبدو هذه الأمور متكَلفة ومرهقة مهما كان شكل المساحة”.
استُخدِم في التجديد التعبير المجازي عن نسج مجموعات مشتتة وأنماط عملة مختلفة في سجادة قوية وديناميكية، بتحديد طابع لكل طابق يعكس مجال عمله ويُضفي مجموعة ألوان ومواد مميزة بالإضافة إلى تصميمات أثاث وإضاءة لافتة للنظر من مصممين أستراليين مثل جاردان وديرلوت وساتلايت. 
يركز الطابق الحادي والعشرون على سبيل المثال على المجتمع. إذ يلقى الموظفون والزوار ترحيبًا حارًا من خلال الأخشاب الطبيعية والنباتات المفعمة بالحياة والاستقبال العفوي مع طاولة مشتركة للاجتماعات العفوية وتركيبات إضاءة من “بيلدكورب” و”ستيل ستايلست” ومعلقات “بول بوي” من “دين فيليبس لايتنغ”. أما الطابق الرابع والعشرون، على عكس ذلك، فيطلق عليه اسم السرب – وهو عبارة عن مساحة مفعمة بالطاقة والحيوية، حيث يمكن للمجموعات أن تجتمع سريعًا لحل المشكلات. ويتميز الطابق بألوان متباينة وساطعة وزخارف دائرية وإضاءة منسوجة معلقة دوارة.
تتركز مجموعة الألوان في منتصف كل طابق، حول المرافق المشتركة مثل المطابخ والخزانات التي تُفتح ببطاقة الهوية وفتحات الأجهزة الواسعة والسلالم التي تصل بينها، وتبدأ مجموعات الألوان بالفتور عند الاقتراب من أماكن العمل الفردية على الأطراف. يوجد في الأركان تجاه الشرق والغرب غرف اجتماعات رسمية بجدران زجاجية محاطة “بمساحات مُكتشفة” مستخدمة جيدًا تضم مقاعد أرائك من تصميم “بوركور” ومتكآت وطاولات متحركة وإطلالات بانورامية على المدينة تفخر سميث بكونها “تنتمي لكل شخص”. وبينهما مسارات منعطفة تقود إلى خليط من المساحات القابلة للتعديل بصورة مماثلة والمصممة للتفاعل أو الاستراحة – ومساحات تعاون بارتفاع الوقوف، على سبيل المثال، وطاولات جلوس ووقوف مع مرافق للصوتيات والمرئيات مع توفير خدمة الواي فاي للنقاشات الجماعية. حتى المساحات الاجتماعية مثل ملاذ الحديقة أو استراحة الإبداع يمكن استخدامها للعمل عند الحاجة لأماكن مرحة غير رسمية.
في حين تساهم هذه العناصر مجتمعة في الشعور العام بالرفاه في المساحة، تلعب مواصفات مجموعة Zip HydroTaps المدمجة في جميع أجزاء التصميم الداخلي دورًا كبيرًا في تقديم أفضل نمط حياة للموظفين. في الحقيقة، تشير الأبحاث إلى أن 80% من المتواجدين في الأماكن التي بها HydroTap يشربون كمية مياه أكثر من المياه التي كانوا يشربونها من الصنبور أو المياه المعبأة. هنا، تحول صنابير HydroTaps المياه إلى نسخة مثالية من المياه الباردة والمغلية والفوارة كل مرة، والتي لم يقتصر دورها على مد الموظفين بالأدوات التي يحتاجون إليها ليحافظوا على ترطيب أجسامهم، ولكنها تقضي أيضًا على الحاجة لوضع زجاجات المياه في الثلاجة ووضع الغلاية على المنضدة، مما يؤدي إلى بيئة آمنة وخالية من الفوضى.
تنتشر إشارات خفية لعمليات البيع بالتجزئة الخاصة بالبريد الأسترالي مدمجة في تفاصيل مثل الإضاءات النحاسية الأنبوبية المصنوعة خصيصًا من “داركون” والمستوحاة من حزم البريد الأسطوانية، ولافتات رسومية تعكس خرائط توزيع البريد.
من وجهة نظر مالتان، يعد الاستخدام المتنوع والثابت لهذه المساحات العديدة (وصولاً إلى ميزات مثل أسطح الجدران القابلة للكتابة) إشارة إلى أن الموظفين لم يعودوا مقيدين بالمخططات والسلوكيات القديمة كما أنه مقياس لنجاح المشروع. تقول مالتمان: “انتقل الناس إلى هنا ولا يرغبون في ترك المكان. كل شخص يرى شيئًا مختلفًا يحبه في مكان عمله”.









Comments are closed.